منتدي شباب مارجرجس بكودية النصاري
منتدي شباب مارجرجس بكودية النصارى يرحب بالسادة الأعضاء والزائرين
ويتمني لكم قضاء أجمل الأوقات
كما يسعدنا كثيراً انضمامك إلينا
أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم Op743788
منتدي شباب مارجرجس بكودية النصاري
منتدي شباب مارجرجس بكودية النصارى يرحب بالسادة الأعضاء والزائرين
ويتمني لكم قضاء أجمل الأوقات
كما يسعدنا كثيراً انضمامك إلينا
أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم Op743788
منتدي شباب مارجرجس بكودية النصاري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم 768243789 أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم 254609095 أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم 534886699 أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم 405368285 أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم 554964481 أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم 481417909

 

 أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
eng mina
المدير العام
المدير العام
eng mina


عدد المساهمات : 87
تاريخ التسجيل : 07/02/2011

أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم Empty
مُساهمةموضوع: أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم   أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم I_icon_minitimeالأربعاء مارس 30, 2011 11:51 am

أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم 4Ec95608

أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم 16545185087987859378174
اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم " مز 95: 9 " كلمة اليوم يمكن أن تقال على كل أزمنة الحياة ، حتى إلى غروب العمر إن أردت ، لأن التوبة لا تطلب بحسب كمية الزمن بل بحسب ميل القلب ،
أهل نينوى لم يحتاجوا إلى أيام كثيرة ليرفعوا خطيتهم ، بل فى يوم واحد فقط نالوا محو آثامهم ، اللص لم يستغرق وقتاً حتى يدخل الفردوس ، نطق كلمته فأغتسل من جميع خطاياه التى أرتكبها طيلة حياته ، ونال المكافأة بالخطوة الألهية قبل الرسل . " فالحاجة إذن إلى الحرارة وإستعداد القلب ، فإذا أعددنا الضمير حتى يكره الشرور السابقة ونختار الطريق الآخر الذى يسر الله فلا حاجة إلا إلى أقل وقت "
سقوط الإنسان ليس بالأمر المحزن كمثل بقائه طويلاً فى هذا السقوط ، ليصر ذريعة يختفى الضعف الأدنى والخلقى بحجة اليأس .

هل تريد أن أُعدِّد لك مسالك التوبة ؟ إنها كثيرة ومنوَّعة، و تقود كلّها إلى الجنَّة ( الفردوس ) .
1 . المسار الأول يبدأ بإدانة خطاياك الخاصَّة : "كنْ البادئ بالإقرار بخطاياك وسوف تُبرَّر منها . " من أجل هذا السبب كتب النبيّ : "أنا قلت، سوف أعرض خطاياي أمام الرب، وأنت غفرت شرور قلبي" لذلك عليك، أنت أيضًا، أن تدين خطاياك، هذا سيكون كافيًا أمام الله حتى يغفر لك، لأن الإنسان الذي يدين خطاياه الخاصة سيكون أبطأ بالعودة إلى الخطأ ثانية . حِثْ ضميرك على اتهام نفسك داخل منزلك، حتى لا يتهمك أمام عرش دينونة الربّ .


2 . هذا إذًا مسار جيِّد للتوبة . ومسار آخر، لا يقلّ قيمة عن الأول، وهو تناسي الأذى الذي يلحقه بنا أعداؤنا، من أجل أن نسود على غضبنا ونغفر لأترابنا ( العبيد ) خطاياهم التي اقترفوها بحقِّنا . هكذا سوف ينفتح أمامك مسار جديد للتغلُّب على الخطيئة : "فإنه إن غفرتم للناس زلاَّتهم يغفر لكم أيضًا أبوكم السماوي . "

3 . هل تريد أن تتعلّم مسارًا ثالثًا ؟ إنها الصلاة الحارَّة والمتيقِّظة والنابعة من القلب .

4 . أما إذا أردت أن تسمع عن مسار رابع، أنصحك بالصدقة التي تفيض قوتها وتطال بعيدًا .

5 . بالإضافة إلى ذلك، إذا عاش الإنسان حياة بسيطة ومتواضعة وحفظ المسارات التي سردتها عليك، سوف تُنزع عنه خطيئته . برهانًا على ذلك العشَّار الذي لم يكن لديه أية أعمال حسنة ليخبر عنها، ولكن تواضعه الصادق أراحه من حمل خطاياه الثقيل .

وهكذا أكون قد أرشدتك على خمس مسالك إلى التوبة : إدانة خطاياك، ومغفرة ذنوب قريبك، والصلاة، والصدقة، والتواضع .

لا تكنْ عديم الحركة وخاملاً، بل سِرْ كل يوم في هذه المسالك . إنها سهلة ولا يمكنك التحجُّج بعدم قدرتك على تحقيقها . لأنك، حتى ولو كنت تعيش في عوز كبير، يمكنك دائمًا وضع غضبك جانبًا، وأن تتضع، وأن تتحلى بالمثابرة، وأن تدين خطاياك . فقرك لا يقدِّم إليك عذرًا للتملُّص من ذلك . فالفقر ليس عائقًا أمام تحقيق وصايا الربّ ويمكنك أن تتصدَّق إلى الفقراء وأن تحسن إليهم دائمًا . لقد برهنت الأرملة على هذا بعد أن وضعت فلسيها في الصندوق [مرقس 12: 42] .

الآن وقد تعلَّمنا كيف نشفي جراحنا، دعنا نستعمل هذه الأدوية . حتى إذا تعافينا وأصبحنا بصحة أصيلة، يمكننا أن نقترب من المائدة المقدَّسة بثقة ونلتقي بعظمة المسيح، ملك المجد، ونحصل على البركات الأبديَّة من خلال النعمة والرحمة ومحبَّة يسوع المسيح ربِّنا ومخلِّصنا .

- إذ هو مملوء حبًا نحو الإنسان، مهتم بخلاصنا، ويريد أن يبكم أفواه الأغبياء لم يتوقف عن العمل من جانبه مع أنه لم يوجد من يبالي به . وإذ يعرف النبي ذلك قال : "كي تتبرر في أقوالك وتغلب إذا حوكمت" ( مز ٥١ : ٤ ) . لذلك هنا عندما رفضوا كلماته السامية، قائلين أن به شيطان، وحاولوا قتله، ترك الهيكل وشفى الأعمى، مُسكنًا من ثورتهم بغيابه، وصانعًا المعجزة ليهدئ من قسوتهم وعنفهم، مثبتًا الحقائق . صنع معجزة غير عادية، بل حدثت لأول مرة . يقول الذي شُفي : "منذ الدهر لم يُسمع أن أحدًا فتح عيني مولود أعمى" [٣٢] . ربما فتح البعض أعين عميان، أما مولود أعمى فلم يحدث قط . أما بخروجه من الهيكل تقدم للعمل عمدًا فواضح من هذا، أنه هو الذي رأى الأعمى، ولم يأتِ الأعمى إليه . بغيرة تطلع إليه، وقد أدرك تلاميذه هذا .

- إن قلت : من أين جاءوا بهذا السؤال ؟ أجبتك : لما شفي السيد المسيح المفلوج قبلاً قال له : "ها أنت قد برئتk فلا تخطئ أيضًا لئلا يكون لك أشر" ( يو 5: 14 ) . فهؤلاء إذ خطر ببالهم أن ذاك قد أصاب الفالج جسده لأجل خطاياه، إلا أن هذا القول لا ينبغي أن يُقال عن هذا الأعمى، لأن من مولده هو أعمى . فهل أخطأ والداه ؟ ولا هذا القول يجوز أن يُقال، لأن الطفل لا يتكبد العقوبة من أجل أبويه .. لقد تحدث التلاميذ هنا لا ليسألوا عن معلومات قدر ما كانوا في حيرة .

أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم لم يمضِ إلي الجليل بلا هدف، وإنما لينجز أمورًا هامة معينة بين السامريين .. بحكمة خاصة به .. مظهرًا أنه قام بهذا العمل العرضي أثناء الرحلة . وذلك كما فعل الرسل أيضا، فعندما اضطهدهم اليهود ذهبوا في الحال إلى الأمم، هكذا المسيح أيضا عندما طرده اليهود التقى بالسامريين، وهكذا فعل مع المرأة الفينيقية . هذا كله حدث حتى لا يكون لليهود عذر، ولا يمكنهم القول :

"لقد تركنا وذهب إلى أهل الغرلة" . لقد وجد التلاميذ لأنفسهم عذرا، قائلين : "كان يجب أن تكلموا أنتم أولاً بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم وحًكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية هوذا نتوجه إلى الأمم" ( أع 13: 46 ) . عندما طردوه، فتحوا بابا للأمم . لم يذهب إلي الأمم فورًا وإنما أثناء عبوره .


+ « ثم أُصعِدَ يسوع إلى البرية من الروح ليُجرَّب من إبليس » .
+ حكمة الله من سماحه بالتجارب لنا . معنى كلمة : « أُصعِدَ إلى البرية » ليُجرَّب من إبليس .
+ وحكمة صوم الرب عن الطعام، في بداية خدمته الخلاصية للبشرية .

حكمة الله من سماحه بالتجارب لنا :

1 - « ثم أُصعِدَ » . متى كان ذلك ؟ بعد نزول الروح القدس عليه من السماء، وبعد الصوت الآتي من فوق : « هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررتُ » . والعجيب أنه أُصعِدَ من الروح القدس، ولهذا يقول أيضاً في هذه المناسبة : « وللوقت أخرجه الروح إلى البرية » ( مر 1: 12 ) . ولأنه يهدف إلى تعليمنا من كل ما عمله واجتازه، لذلك رَضِيَ أن يُقتاد إلى هناك وأن يتصارع مع إبليس، حتى أن كل مَن يعتمد، إذا ما قابل بعد عماده ( أو نواله أية نعمة ) أشد التجارب، لا يضطرب كما لو كان ذلك أمراً غير متوقع، بل عليه أن يُثابر على تحمُّل كل شيء بشهامة كأمورٍ طبيعية تسير في مجراها .

نعم، إنك حملتَ الأسلحة، لا لتكون عاطلاً، بل لتُحارِب بها . لذلك نجد أن الرب لا يمنع التجارب إذا ما أتت . أولاً : ليُقوِّمك حتى تكون شديد البأس؛ وثانياً : لكي تظل متواضعاً، وحتى لا ترتفع بعِظَم ما نلتَ من نِعَم، فالتجارب كفيلة بأن تقمعك؛ وثالثاً : بمحَك التجربة يتأكَّد عدو الخير جيداً - الذي قد يرتاب أحياناً في هجرانك له - من أنك تخليتَ عنه ونبذته تماماً؛ ورابعاً : حتى تصبح عن هذا الطريق أشد متانة وأقوى من الفولاذ؛ خامساً : لكي تكون على يقين تام مما أُودِعته من كنوز .

فالعدو لم يكن ليُهاجمك لو لم يكن قد رآك حائزاً على كرامة أكثر رِفعة منه، فهو على سبيل المثال، قد شرع منذ البداية بمهاجمة آدم، لأنه قد رآه يتمتع بكرامة عظيمة . لهذا السبب نفسه قد أعدَّ العدَّة أيضاً لمناصبة أيوب عندما رأى أن إله الكل قد أحاطه بسياج نِعَمِه ورفع شأنه .

إذن، فكيف يقول الرب : « صلُّوا لئلا تدخلوا في تجربة » ( مت 26: 41 ) ؟ لهذا يُعلن لك الإنجيل بوضوح، ليس أن يسوع قد خرج إلى البرية، بل إنه : « أُصعِدَ ( اقتيد ) » ، بحسب ما يقتضيه منطق التدبير الإلهي، مُلمِّحاً لنا بهذا أننا لا ينبغي أن نرمي بأنفسنا فيها ( أي في التجربة ) ، ولكن إذا ما سُحِبنا إليها بغير إرادتنا، فعلينا أن نصمد مقابلها ثابتي العزم .

ثم أيضاً إلى أين يقوده الروح عندما حَمَلَه ؟ لا إلى مدينة وساحة عامة، بل إلى برية قفرة . وإذ أراد أن يجتذب إبليس ويعطيه فرصة للاقتراب منه، ليس فقط بجوعه، ولكن أيضاً باعتزاله في مكان مُوحِش . ففي معظم الأحيان يشنُّ العدو هجماته بصفة خاصة على الناس عندما يراهم معتزلين وحدهم بأنفسهم . وهكذا فعل منذ البداية مع المرأة ( حواء ) إذ هاجمها بعنف، عندما انفرد بها بعيداً عن زوجها وأوقعها في فخاخه .

أما إذا رآنا مترابطين معاً برباط المحبة، فإنه لا يجرؤ على مهاجمتنا . لذلك نحن في أمسِّ الحاجة جداً والحال هذه أن نظل قطيعاً واحداً معاً دون انفصام، حتى لا نكون مُعرَّضين لهجمات إبليس .

حكمة صوم الرب عنا، وصومنا نحن :

2 - فإذ وجد ( المجرِّب ) الربَّ في برية قفرة وغير مطروقة ( لأن هذا ما يعنيه معنى البرية كما يؤكِّد مرقس الإنجيلي قائلاً : « إنه كان مع الوحوش » ) ، انظر بأي دهاء شديد وبأية حيلة ماكرة يقترب، وما نوعية الفرصة التي ينتهزها ! فليس في وقت الصوم بل في جوع الرب يَقْدُم إليه ( المُجرِّب ) ، لكي نتعلَّم جلال ومنفعة الصوم، أو كيف أنه أقوى درع نتحصَّن به مقابل الشيطان، وأنه بعد المعمودية ( أو نوال أي سر ) لا ينبغي الاستسلام للإسراف في الأكل والشُّرب والموائد المكتظَّة بشتَّى الأطعمة؛ بل للصوم لأنه لأجل هذا قد صام الرب لا لحاجته هو بل ليرسم لنا طريق الخلاص .

ولما كانت خطايانا قبل المعمودية قد نتجت ( معظمها ) من كثرة الأكل والشرب، يتقدَّم الرب كمثل طبيب يمنع مريضاً قد عُوفي من الرجوع إلى تلك الأمور التي قد تسبَّبت في اعتلال الصحة . وهكذا نرى الرب بعد المعمودية يضع على نفسه هو الصوم عنا، لكي يكون لنا مثالاً . إن آدم طُرِدَ من الفردوس بسبب عدم كبح النفس من شهوة البطن . وهذا هو أيضاً الذي جلب الطوفان أيام نوح، والبروق الحارقة على سدوم . فبالرغم من أنه كان هناك تحذير بعدم البغاء، إلاَّ أنه طلع من عدم كبح النفس من شهوة البطن، جذر كل هذه الآثام التي أشار إليها حزقيال أيضاً عندما قال : « هذا كان إثم سدوم : الكبرياء والشبع من الخبز والإسراف في التنعُّم » ( حز 16: 49 - حسب السبعينية ) . كذلك اليهود قد ارتكبوا إثماً جسيماً منقادين إلى التعدِّي بسبب سُكرهم وتنعمهم ( إش 5: 12،11 ) .

إذن، بسبب هذا يصوم الرب أربعين يوماً، ليدلنا على أدوية خلاصنا، غير مواصلٍ إلى أكثر من هذا لئلا تصير حقيقة تدبيره غير مُصَدَّقة بسبب عظمة المعجزة . فهذا لم يكن في إمكان البشر، وإن كان موسى وإيليا قد صاما وقتاً طويلاً بهذا المقدار، إلاَّ أنهما كانا متشدِّدَيْن بقوة الله . فهو ( الرب ) لم يزد عنها، لئلا يكون اتخاذه جسداً ( أي تجسُّده ) ضمن الأمور التي يشك فيها الكثيرون . +

المسالمة على المستوى الاجتماعي والنفسي
عبر كل الأجيال، حيث لم تفارق الحروب أو النزاعات الجنس البشري، سواء على مستوى الأسرة أو القبيلة أو المجتمعات المحلية أو الدولية، يشعر الإنسان مهما كان عنفه وقسوة قلبه أنه يشتهي جوًا مملوءً بالسلام . وكما يقول السيد المسيح : "إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم ؟ أليس العشارون أيضًا يفعلون ذلك ؟ وإن سلمتم على إخوتكم فقط فأي فضلٍ تصنعون ؟ أليس العشارون أيضًا يفعلون ذلك ؟ فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل" ( مت 5: 46-48 ) .

هكذا يميّز السيد المسيح بين فريقين، فريق يطلب السلام والحب على المستوى النفسي والاجتماعي البحت، وفريق يطلب السلام على مستوى مركزه الجديد كابن لله، معتزًا ببنوته للآب السماوي الكامل ؟
بخصوص هذا التمييز أذكر موقفين يبدوان فريدين في حياتي :
الموقف الأول : حينما أراد أنور السادات الخلاص من كل القيادات السياسية والدينية، إذ كنا في سجن المرج، في سجن خاص داخلي ( سجن التجربة ) يحوط به السجن العام الذي يضم ما يدعونهم البعض بالمجرمين، فجأة سمعنا مع بدء الليل أصوات غناء ورقص وطرب دام الليل كله . ولما سألنا عن السبب قيل لنا هذه عادة السجناء في ليلة إنهاء أحدهم فترة حبسه، يحتفلون به ويهنئونه على خروجه طوال الليل ! هذه مشاعر إنسانية جميلة يعيشها السجناء !
الموقف الثاني : في إحدى المدن الأمريكية حث بعض أصدقاء السوء فتاة أن تهيئ لهم الجو لقتل والدتها والاستيلاء على ممتلكاتها . ولكن الله أنقذ الأم، ووُضعت الفتاة في السجن . مع ما لحظَتْه في السجن في الاعتناء الشديد بالمسجونات بوسائل كثيرة، لكن هذه الفتاة دون غيرها وُضعت في زنزانة منفردة . ولما سألت السجَّانة عن السبب، أجابتني : لا نستطيع أن نأتمن أحد السجينات أن ترافقها في النهار أو بالليل، لأننا لاحظنا عليهن حالة من الضيق الشديد من نحوها، كيف تتآمر فتاة على قتل أمها، فخشينا أن تقوم إحداهن بقتلها أو بأذيتها بصورة أو أخرى . هكذا حتى السجينات لم يقبلن مطلقًا أن تقوم فتاة بالتآمر على قتل والدتها .
هذان مثالان للرغبة البشرية في المسالمة حتى بين من يحسبهم العالم مجرمين أو قساة . أما مسيحنا فيدعونا للمسالمة بناء على مركزنا كأبناء لله . "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعوْن" ( مت 5: 9 ) .
المسالمة دعوة للكمال السماوي
يقدم لنا القديس يوحنا الذهبيّ الفم المفهوم الإنجيلي للمسالمة والتي عبَّر عنها الرسول : "إن كان ممكنًا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس" ( رو 12: 18 ) .
أولاً : المسالمة وسلم الكمال
كثيرًا ما يربط القديس يوحنا الذهبيّ الفم بين خبرة الحياة السماوية والحب الأخوي . فإن كان المؤمن مدعوًا للانطلاق إلى الحياة الملائكية، فإن هذه الحياة لا تقف عند التسابيح السماوية، وإنما تهب قلبًا متسعًا، فيصير المؤمن أيقونة المسيح "محب البشر" . وكأن الانطلاق من مجدٍ إلى مجدٍ يتبعه صعود مستمر على سلم الحب الأخوي . يقول القديس يوحنا الذهبيّ الفم : [بالرحمة ( الحب ) يتشبّه الإنسان بالله"]، و[بالرحمة تصير له دالة لدى الله . ]، و[بالرحمة تصير له دالة لدى الله . ] والحب هو جواز الذي به يعبُر المؤمن بين القوات السماوية حتى يبلغ إلى العرش ! يصير الملكة الجالسة عن يمين الملك .
يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن السيّد المسيح قد جاء ليرفعنا إلى كمال الحب، الذي في نظره يبلغ الدرجة التاسعة، مقدّمًا لنا هذه الدرجات هكذا :
الدرجة الأولى : ألا يبدأ الإنسان بظلم أخيه، ( وإلا حًسب غريبًا تمامًا عن برّ الله ) .
الدرجة الثانية : إذا أصيب الإنسان بظلمٍ، لا يثأر لنفسه بظلمٍ أشد، وإنما يكتفي بمقابلة العين بالعين والسن بالسن ( المستوى الناموسي الموسوي ) .
الدرجة الثالثة : ألا يقابل الإنسان من يسيء إليه بشر يماثله، إنّما يقابله بروح هادئ .
الدرجة الرابعة : يتخلّى الإنسان عن ذاته، فيكون مستعدًا لاحتمال الألم الذي أصابه ظلمًا وعدوانًا .
الدرجة الخامسة : في هذه المرحلة ليس فقط يحتمل الألم، وإنما يكون مستعدًا في الداخل أن يقبل الآلام أكثر مما يودّ الظالم أن يفعل به، فإن اغتصب ثوبه يترك له الرداء، وإن سخّره ميلاً يسير معه ميلين . كالأب الذي يشفق على ابنه المريض مهما صدر منه من إساءات .
الدرجة السادسة : أنه يحتمل الظلم الأكثر ممّا يودّه الظالم دون أن يحمل في داخله كراهيّة نحو العالم، فالحب يجري في عروقه .
الدرجة السابعة : لا يقف الأمر عند عدم الكراهيّة وإنما يمتد إلى الحب .. "أحبّوا أعداءكم" .
الدرجة الثامنة : يتحوّل الحب للأعداء إلى عمل، وذلك بصنع الخير "أحسنوا إلى مبغضيكم"، فنقابل الشرّ بعمل خير . يقدم مما هو في جعبته : الخير والصلاح .
الدرجة التاسعة والأخيرة : يصلّي المؤمن من أجل المسيئين إليه وطارديه . يود أن يحمل البشرية ليقدمها لله القدوس . نمونا في المسالمة في حقيقته اكتساب لسمة سماوية فائقة .
ثانيًا : المسالمة والملكوت الداخلي
رأينا أن المؤمن الحقيقي ينشغل بالنمو الدائم في الطريق السماوي، أو ممارسة الحب الأخوي حتى متى بلغ أن يقف أمام عرش الله، لا يجد له عدو، بل يشفع بكل كيانه عن كل البشر .
الآن يشعر المؤمن أن وقته أثمن من أن يضيع فيما لا يخص بنيان ملكوت الله الذي في داخله . لا ينشغل بالتصرفات المعادية لمن هو حوله ضده، بل بالفردوس السماوي الذي في قلبه، فينقّيه من كل أحجار الخطية ويرويه بمياه الروح القدس الساكن فيه، والذي تمتع به خلال سرَ الميرون ( المسحة المقدسة ) .
v"إن كان ممكنًا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس" ( رو 12: 18 ) .. اتركهم لله، ولتهتم أنت بأخطائك .
ما يشغل قلب المؤمن ليس تصرفات حتى المقاومين له، وإنما بكونه أيقونة الله "صانع الخيرات"، يشعر كأن غاية حياته كله هي صنع الخيرات للجميع الأصدقاء والأعداء . هذا ما يعطيه في أعماقه شبعًا أنه يفيض بالنفع على الكثيرين .
vجاء المسيح بهذا الهدف، أن يغرس هذه الأمور في ذهننا، حتى يجعلنا نافعين لأعدائنا كما لأصدقائنا .
إن كنا ندعو الله "أبانا الذي في السماوات"، فإنه يليق بالابن أن يتشبه بأبيه، لا لتفيض نعمته عليه فحسب، وإنما ليسلك كما يليق بابن لأبٍ هكذا سماوي !
vهذا هو السبب الذي لأجله ندعوه في الصلاة أبًا، لا لنتذكّر نعمته فحسب، وإنما من أجل الفضيلة فلا نفعل شيئًا غير لائق بعلاقة كهذه .
الاهتمام بالأصدقاء والصلاة عنهم لا ترفعنا حتى عن العشّارين الذين يحبون أصدقاءهم، أما الاهتمام بالأعداء والصلاة عنهم يجعلنا نتشبه بالله نفسه .
vلا تفيدنا الصلاة من أجل الأصدقاء بقدر ما تنفعنا لأجل الأعداء ! .. فإن صليّنا من أجل الأصدقاء لا نكون أفضل من العشّارين، أمّا إن أحببنا أعداءنا وصليّنا من أجلهم فنكون قد شابهنا الله في محبّته للبشر .
إذ دخلنا في عداوة مع الله، لم ينتظر منا أن نذهب إليه وتطلب منه المغفرة . لكنه بادر بالحب، طأطأ السماوات ونزل إلينا . "إذ ونحن أعداء صولحنا مع الله بموت ابنه . لنرد هذه المبادرة بالمبادرة في مصالحتنا مع المقاومين لنا .
vيجب أن نتجنّب العداوة مع أي شخص كان، وإن حصلت عداوة مع أحد فلنسالمه في اليوم ذاته .. وإن انتقدك الناس ( على ذلك ) فالله يكافئك . أمّا إن انتظرت مجيء خصمك إليك ليطلب منك السماح فلا فائدة لك من ذلك، لأنه يسلبك جائزتك ويكسب لنفسه البركة .
إعداد القمص تادرس يعقوب ملطي
أريد عملكم لا مديحكم
يبدو أن مقالي الأخير الطويل الذي ألقيته لإشعال غيرتكم تجاه هذه الاجتماعات لم يكن نافعًا، لأنه لا تزال كنيستنا مهجورة من أبنائها . لهذا فإنني أجد نفسي ملزمًا أن أتضايق و أتكدر، فأوبخ الحاضرين وأخطئ الذين تخلفوا عن الحضور . أولئك بسبب عدم قيامهم من كسلهم، وأنتم بسبب عدم تقديمكم يد المعونة في خلاص إخواتكم .

حقًا أن من يتطلع إلى تكدري بطريق خاطئ يدعونني سليطًا . لكن هذا لا يمنعني من إثارة روحه لنفس الغرض ( أي الاهتمام بخلاص إخوته ) ، لأنه لا شيء عندي أفضل من هذا النوع من ( اللجاجة ) .
ليحدث ما يحدث، مادمتم في النهاية تخجلون وتعتنون بإخوتكم بسبب لجاجتي الدائمة .
لأنه ماذا تفيدني مديحكم ما لم أراكم تتقدمون في الفضيلة ؟ ! وماذا يضرني في صمت السامعين ( عن مدحي ) إن كنت أري نحو تقدمكم ؟ !
فمدح المتكلم لا يكمن في كلمات ثناء السامعين، بل في التهاب غيرتهم نحو الصلاح . ولا يكمن في الصوت الذي يحدثونه أثناء سماعهم له، بل في الغيرة الباقية ( العاملة ) . لأن كلمات الثناء الخارجة من الشفاه سرعان ما تنتشر في الهواء وتتبدد . أما تقدم المستمعين في الفضيلة فيهب مكافأة أبدية غير فانية لكل من المتكلم والمطيعين له .
ثناء هتافكم يهب شهرة للمتكلم هنا . أما ورع نفوسكم فيزكيه بالأكثر أمام عرش النعمة . فمن كان محبًا للمعلم فليشتاق إلى نفع السامعين له، لا إلى مدحه بالكلام .
إن إهمالنا لإخوتنا ليس بالخطأ الهين، إنما يجلب علينا عقوبة عظيمة وتأديبًا بغير رحمة .
تاجروا في الوزنات
لقد وُبخ الرجل الذي دفن الوزنة، إذ لم يجاهد لأجل تغيير إنسان شرير .. وبهذا صار هو شريرًا، لأنه لم يضاعف ما قد عهد إليه به، لهذا استوجب العقاب . فلا يكفي لخلاصنا أن نكون غيورين مشتاقين إلى سماع الكتب المقدسة، إنما يلزمنا مضاعفة الوديعة . فمع اهتمامنا بخلاصنا الخاص بنا نتعهد أيضًا بما هو لخير الآخرين .
لقد قال الرجل المذكور في المثل "هوذا الذي لك" ( مت 25: 25 ) ، لكن هذا الدفاع لم يقبل، إذ قيل له "فكان ينبغي أن تضع فضتي عند الصيارفة" .
أرجوكم أن تلاحظوا كيف أن وصايا السيد سهلة، فالبشر يسألون المقرضين إيفاء الدين ( ولا يبالون بشخص المقترض ) .. لكن الله لا يفعل هذا، إنما يأمرنا أن نأخذ الوديعة ولا يحاسبنا عليها بقصد استردادها .. إنما يستجوبنا بخصوصها دون أن يطلبها منا .
أي شيءٍ أسهل من هذا ؟ ! ومع ذلك يلقب سيده الوديع الرحيم قاسيًا . لأن هذه هي عادة الإنسان الجاحد الكسلان يخفي خجله من أخطائه بنسبها إلى سيده . لهذا ألقى خارجًا في قيود الظلمة الخارجية .
فلكي لا نسقط تحت العقاب، يلزمنا أن نودع تعاليمنا لدى إخوتنا، سواء كانوا يقبلونها أو يرفضونها . فإنهم إن قبلوها ينتفعون ونحن نربح معهم . وإن رفضوها يسقطون تحت العقاب غير المحتمل دون أن يصيبنا نحن أي ضرر . إذ نكون قد صنعنا ما يجب علينا من جهة تقديم النصيحة . لكنني أخشى أن يبقوا على حالهم بسبب تراخيكم وإهمالكم .
لا تيأسوا من خلاص أحد
إن مداومة النصيحة والتعليم تجعل الإنسان مجتهدًا وتصيره إلى حال أفضل، وفي هذا أقتبس المثل العام الذي يؤكد هذه الحقيقة، وهو أن "قطرات الماء المتواترة تشقق الصخر" . أي شيء ألين من الماء ؟ ! وأي شيءٍ أصلب من الصخر ؟ ! ومع هذا موالاة العمل باستمرار يغلب الطبيعة . فإن كان هذا بالنسبة للطبيعة، أفليس بالأولى تغلب الطبيعة البشرية ؟ ! ..
أنتم نور العالم
كم أنا مغموم، إذ أرى في أيام الأعياد الجموع المحتشدة كالبحر المتسع الأرجاء، والآن لا أجد ولا القليل من الجموع لتجتمع ههنا .
أين ذهب أولئك الذين يزحموننا بوجودهم في أيام الأعياد ؟ !
إنني أتطلع إليهم متحسرًا عليهم، حزينًا من أجل تلك الجموع التي تهلك بعيدًا عن طريق الخلاص[2] .
يا لها من خسارة عظيمة في الإخوة ! إن قليلين هم الذين يهتمون بالأمور الخاصة بالخلاص .
يا له من جزء كبير من جسد الكنيسة يشبه الميت الذي بلا حراك !
تقولون : وماذا يخصنا نحن في هذا ؟
لديكم إمكانية عظمي بخصوص إخوتكم . فإنكم مسئولون إن كنتم لا تنصحوهم، وتصدون عنهم الشر، وتجذبونهم إلى هنا بقوة، وتسحبونهم من تراخيهم الشديد . لأنه ماذا يليق بالإنسان أن يكون نافعًا لنفسه وحده، بل ولكثيرين أيضًا . ولقد أوضح السيد المسيح ذلك عندما دعانا "ملحًا" ( مت 5: 13 ) ، و"خميرة" ( مت 13: 33 ) ، و "نورًا" ( مت 5: 14 ) ، لأن هذه الأشياء مفيدة للغير ونافعة لهم .
فالمصباح لا يضيء لذاته، بل للجالسين في الظلمة . وأنت مصباح، لا لتتمتع بالنور وحدك، إنما لترد إنسانًا ضل، لأنه أي نفع لمسيحي لا يفيد غيره ؟ ! ولا يرد أحدًا إلي الفضيلة ؟ !
مرة أخرى، الملح لا يُصلح نفسه، بل يصلح اللحم لئلا يفسد ويهلك .. هكذا جعل الله ملحًا روحيًا، لتربط الأعضاء الفاسدة أي الإخوة المتكاسلين المتراخين، وتشددهم وتنقذهم من الكسل كما من الفساد، وتربطهم مع بقية جسد الكنيسة .
وهذا هو السبب الذي لأجله دعانا الرب "خميرًا"، لأن الخميرة أيضًا لا تخمر ذاتها، لكن بالرغم من صغرها فإنها تخمر العجين كله مهما بلغ حجمه . هكذا افعلوا أنتم أيضًا . فإنكم وإن كنتم قليلين من جهة العدد، لكن كونوا كثيرين وأقوياء في الإيمان والغيرة نحو الله . وكما أن الخميرة ليست ضعيفة بالنسبة لصغرها، إذ لها قوة وإمكانية من جهة طبيعتها .. هكذا يمكنكم إن أردتم أن تجتذبوا أعدادًا أكثر منكم ويكون لهم نفس المستوى من جهة الغيرة .
لكن قد يعتذرون بأن الوقت صيف، إذ أسمع أمثال هذه الكلمات بأن الحر زائد، وحرارة الشمس غير محتملة، ولا نقدر على الزحام ( هذه أمثله من الحجج التي نسمعها من بعض المسيحيين ) .
صدقوني أني أخجل منهم . فإن مثل هذه الاعتبارات مملوءة تدليلاً[3]، التي لا يليق أن يحتج بها حتى أصحاب الأجساد الرقيقة وذوي الطبيعة الضعيفة، فأنها لا تبررهم .
فإنهم إن قدموا مثل هذه الأعذار بغير خزي، فيلزمنا ألا نخجل من إجابتهم .
وماذا أقول للمتقدمين بمثل هذه الأعذار ؟ إنني أريد أن أذكرهم بالثلاث فتية في أتون النار، الذين إذ أحاطتهم النيران من كل جانب، تغمر أفواههم وعيونهم وتنفسهم لم يكفوا عن التغني بالتسبحة السرية المقدسة لله .
وأظن أنه يليق بنا أن نضيف إليهم الأسود التي كانت في بابل ودانيال في الجب ( دا 4: 24 ) .
وليس هذا وحده، بل وفي الجب آخر كان النبي أرميا حيث كان الوحل قرابة رقبته ( أر 38: 5 ) .
أليس من المدهش حقًا أن هؤلاء القديسين الذين كانوا في أتون النار أو في جب أو بين الوحوش، وفي الوحل، وفي السجن، وتحت الضربات والجلدات والآلام غير المحتملة، لا يتذمرون بل يتغنون بالتسبيح المقدسة في حيوية وبغيرة متقدة بينما نحن الذين لم نقع تحتها - لا في كثير ولا في قليل - نهمل خلاصنا محتجين بسخونة الشمس وحرارة الجو قليلاً وبعض التعب، هاجرين اجتماعنا، مفسدين أنفسنا بذهابنا إلى اجتماعات مهلكة تمامًا ؟ !
فمن الواضح أذن أن هذه الأعذار غير المعقولة هي وليدة الكسل والتراخي، مفتقرة لنيران الروح القدس .
لتدعوا الجميع
إن ملاحظاتي هذه ليست موجهة إليهم بل بالأكثر إليكم يا من تتقدمون بهم، وتقيمونهم من كسلهم، وتأتون بهم إلى مائدة الخلاص هذه .
حقًا إن العبيد عندما يقومون ببعض الخدم العامة يستدعون زملاءهم العبيد، أما أنتم فعندما تذهبون لتجتمعوا في الخدمة الروحية تحرمون زملاءكم من بركاتها بسبب إهمالكم .
تقولون "وماذا نعمل إن كانوا لا يرغبون في المجيء ؟ "
اجعلوهم يرغبون بلجاجتكم الدائمة، فمتى رأوكم مصرون على هذا يرغبون هم أيضًا .
إنها مجرد أعذار تقدمونها . فكم من آباء يجلسون ههنا ولا يرافقهم أولادهم ؟ هل من الصعب أيضًا أن تأتوا ببعض من أولادكم ؟ !
ليشجع كل واحد غيره، ويحثه على الحضور . فالأب يشجع ابنه، والابن أباه، والأزواج زوجاتهم، والزوجات أزواجهن، والسيد عبده، والصديق صديقه، وبالحري ليس فقط أصدقاءه بل وأعداءه أيضًا .. داعيًا إياهم لينهوا من الكنز المقدم لخير الجميع . فإن رأى العدو اهتمامك بما هو لخيره فسينزع عنه بغضته لك .
لا تأتي فارغًا
إنني أقول أن الذين تخلوا عن هذا الاهتمام ( بالإخوة ) ينالون صفعة في أكثر أجزائهم حيوية، محتملين خسارة أبشع مما تحدث بأي سبب آخر، لأن من يحضرون معهم أحدًا يقتنون ربحًا أعظم مما يقتنى بأي شيء آخر، كما يعلن الكتاب المقدس .. "لا يظهر أمامي فارغين" ( خر 23: 5 ) ، بمعنى ألا يدخلوا الهيكل بغير ذبائح . فإن كان لا يجوز دخولنا الهيكل بغير ذبائح، فكم بالحري يليق بنا ألا نأتي ونحن غير مصطحبين إخوتنا، لأن هذه التقدمة أفضل من تلك .
ليتنا نقتدي ببعض المخلوقات غير العاقلة، إذ تصطاد فريسة لممن هو من جنسها، فأي عذر لنا نحن الذي قد كرمنا بالعقل وبحكمة كهذه إن كنا لا نعمل مثلها ؟
لقد نصحتكم في العظة السابقة وقلت لكم : "أذهبوا كل واحد إلى بيوت أقربائه، وانتظروهم حتى يخرجوا وامسكوهم واقتادوهم إلى بيت أمهم العام . امتثلوا بالمجانين الذين يقابل كلٍ منهم الآخر مبكرًا لكي يقتاده للمشاهد الشريرة .
وها أنا أكرر النداء، ولا أكف عنه حتى أجد بكم إلى العمل .
اجذبوهم بالعمل لا بالكلام
السماع لا يفيد شيئًا ما لم يصحبه التنفيذ، بل يجعل دينونتنا أشد .
أسمع ما يقوله السيد المسيح "لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية . وأما الأنبياء فليس لهم عذر في خطيتهم" ( يو 15: 22 ) ويقول الرسول "لأن ليس الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله" ( رو 12: 13 ) .
هذا قيل من أجل السامعين، ولكن أراد الرب أن يعلم المعلمين أنهم لا ينتفعون من تعليمهم شيئًا ما لم تنطبق تعاليمهم مع سلوكهم، وكلماتهم مع حياتهم .. إذ يقول النبي "وللشرير قال الله مالك تحدث بفرائضي وتحمل عهدي على فمك وأنت قد أبغضت ( التعليم ) " ( مز 49: 16-17 ) ويقول الرسول "وتثق إنك قائد للعميان ونور للذين في الظلمة ومهذب للأغبياء ومعلم للأطفال ولك صورة العلم والحق في الناموس . فأنت إذًا الذي تعلم غيرك ألست تعلم نفسك ؟ ! " ( رو 2: 19-21 ) ..
لهذا ليت شغفنا لا يكون متزايدًا إلى مجرد الاستماع، فإنه بالحق حسن جدًا أن نقضي وقتنا دائمًا في الاستماع للتعالم الإلهية، لكنها لا تفيدنا شيئًا إن لم ترتبط بالرغبة في الانتفاع منها .
من أجل هذا لا تجتمعوا هنا باطلاً . بل لا أكف عن أن أتوسل إليكم بكل غيرة كما كنت أفعل من قبل قائلاً : "تعالوا بإخوتكم إلى هنا . أرشدوا إلى هنا . أرشدوا الضالين . علموهم بالعمل لا بالكلام فقط" .
هذا هو التعليم ذو السلطان، الذي يأتي خلال سلوكنا وأعمالنا . فإنك و إن كنت لا تنطق بكلمة، لكنك بعد ما تخرج من هنا تعلن للبشر الذين تخلفوا عن الربح الذي اقتنيته ههنا وذلك بواسطة طلعتك ونظراتك وصوتك وكل تصرفاتك . وهذا كافٍ لإرشاد والنصح .
يلزمنا أن نخرج من هذا الموضع كما يليق بمكان مقدس، كأناس نازلين من السماء عينيها، وقورين وحكماء، ناطقين وصانعين كل شيءٍ بلياقة .
فعندما ترى الزوجة رجلها آتيًا من الاجتماع، والأب ابنه، والصديق صديقه، والعدو عدوه ، يرون فيهم أثار البركات التي تمتعوا بها . فيدركون إنكم قد صرتم ودعاء وأكثر حكمة وإتزانًا .
تأملوا أي امتيازات تتمتعون بها خلال الأسرار المقدسة ؟ ! علموا الذين "هم من خارج" أنكم في صحبة طغمة السارافيم، محسوبين مع السمائيين، معدين في صفوف الملائكة، حيث تتحدثون مع الرب وتكونون في صحبة السيد المسيح .
فإن تهيأت نفوسكم هكذا، فلا حاجة إلى ما ننطق به مع من تخلفوا عن الحضور، لأنهم يرون ما نلناه، ويلمسون خسارتهم، فيسرعون للحضور ليتمتعوا مثلنا .
إنهم يحثون بجمال نفوسكم المتلألئة، تلتهب قلوبهم بمظهرنا الصالح مهما كانوا أغبياء، لأنه إن كان جمال الجسد يغري ناظره، فكم بالحري يهز جمال النفس وتناسقها ناظرها، وتجذبه لتكون له نفس الغيرة ؟ !
إذًا فلنزين إنساننا الداخلي، ولنفكر فيما يقال ههنا عندما نخرج .. لأنه إن كان المصارع يصارع حسبما تدرب عليه في مدارس المصارعة، إلا أننا نحن في تعاملنا مع العالم لم نستخدم ما نسمعه ههنا !
اجذبوهم بالحب
تذكروا ما يقال لكم، حتى عندما تخرجون ويلقى الشيطان يديه عليكم عن طريق الغضب أو المجد الباطل أو أي شهوة أخرى، فإنه بتذكركم ما تعلمتموه هنا تقدرون أن تفلتوا من قبضته الشريرة بسهولة .
ألا ترون كيف أن المتمرنين حسنًا، بعد ممارستهم المصارعة زمنًا طويلاً وقد أعفوا منها بسبب كبر سنهم، يجلسون خارج الحلبة وينادون من يعلمونهم قائلين هكذا "أمسك يده، أسحب رجله، أضغط على ظهره، وما إلى غير ذلك من التوجيهات" ..
أليسوا بهذا يقدمون خدمة عظيمة لتلاميذهم ؟ ! وأنتم أيضًا تطلعوا إلى مدربكم - بولس الطوباوي -الذي بعدما نال نصرات كثيرة، يجلس خارج الحدود – أي هذه الحياة الزمنية - ويصرخ إلينا برسائله . فإذ يرانا في غضبٍ أو مستائين مما يلحقنا من الأضرار يقول : "فإن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فأسقيه" ( رو 12: 20 ) .

وصية جميلة خاصة بالحكمة الروحية، نافعة لمنفذها وللمستفيدين بها ! لكن بقية النص يثير حيرة عظيمة ويبدو كأنه غير متفق مع نية ناطق الكلمات السابقة .. إذ يقول : "لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه" .
بهذه الكلمات الأخيرة يصيب الفاعل والمستفيد شرًا . الأخير لأنه توضع على رأسه جمر نار .. فما المنفعة له من الطعام والشراب إن كان يجمع على رأسه جمر نار ؟ ! .. أما مقدم المنفعة فهو أيضًا يصيبه ضررًا بطريق آخر، لأنه أي فائدة يجتنيها من صنعه الخير لعدوه إن فعل هذا بقصد جمع جمر نار على رأسه ؟ ! إذ لا يكون بهذا رحومًا ومترفقًا بل قاسيًا ومتوحشًا .
فما هو الحل ؟
لقد كان هذا الرجل العظيم والحكيم ( بولس ) عالمًا تمامًا بهذه الحقيقة، وهي إن مصالحة العدو بسرعة أمر خطير وصعب، لا بحسب الطبيعة إنما بسبب تراخي الإنسان . وهو لا يأمرنا فقط أن نصطلح على عدونا بل وأن نطعه أيضًا، الأمر الأكثر صعوبة لأنه إن كان البعض لا يقدر حتى على معاينة من يضايقونهم، فكيف يرغبون في تقديم الطعام لهم وهم جائعون ؟ !
ولماذا أقول أن النظر إليهم يثيرهم، بل مجرد ذكر اسمهم يعيد إلى ذاكرتهم جراحتها ويلهب نيران حنقهم .
لقد كان بولس عالمًا بهذا، وهو يريد إن ما كان قاسيا وصعبًا سهلاً وبسيطًا . يريد أن يقنع من لا يحتمل معاينة عدوه أن يقدم له خيرًا، لذلك أضاف قوله "يجمع جمر نار"، حتى يسرع محب الانتقام إلى صنع الخير لعدوه .
كما أن الصياد يحيط الصنارة بطُعم من كل جانب، فتسرع سمكة لتأكل منه كعادتها ( في أكل السمك الصغير ) للحال يأسرها الصياد ويمسكها بسهولة، هكذا يصنع بولس الذي يريد أن يقود الإنسان إلى تقديم لخير لمضايقيه، إذ لا يقدم صنارة الحكمة الروحية عارية، إنما يغطيها بمثل هذا الطعم أي "جمر النار" فيدعوا الإنسان المهان الراغب في الانتقام إلى تقديم الخير لمضايقه .
وإذ يأتي الإنسان بهذا الفعل يصطاده الرسول ولا يتركه يهرب .
فكأن الرسول يقول لمحب الانتقام "إن كنت لا تقدم الطعام للمخطئ إليك من باب الشفقة، فقدمه من أجل رغبتك في الانتقام" . والرسول يعلم إنه متى بدأ الشخص في هذا العمل فسيكون هذا بداية إنطلاق للمصالحة بينهما ( ويختبر الشخص حلاوة فضيلة محبة الأعداء ) .
إنه بهذا يعين الإنسان الذي غضب، لكن لاحظ كيف يربط بين الإثنين .
أولاً : عن طريق صنع الخير ( لأنه مهما كان الإنسان دنيئًا وبلا إحساس، فإنه بعدما يتقبل الطعام والشراب يصبح خادمًا وصديقًا لمن قدمهما إليه ) .
ثانيًا : عن طريق الخوف من الانتقام . لأن العبارة : "لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه" تبدو كأنها موجهه لمقدم الطعام، لكنها هي بالأكثر تخص مسبب المضايقة . فبخوفه من العقاب فيكف عن العداوة، لأنه يعلم إن أخذه الطعام والشراب يزيد جرمه إن بقي في العداوة . لهذا يصرف غضبه للحال مطفئًا جمر النار .
فالعقوبة المقترحة والانتقام المعلن يقنعان الطرفين : الذي أهين لكي يقدم الخير لمضايقه، ومسبب الغضب نصده ونجبره أن يصطلح مع من قدم له الطعام والشراب .
وهكذا يربط بولس الاثنين برباط مزدوج . الأول يعتمد على تقديم المنفعة لمضايقه، والثاني الخوف من العقاب . لأن الصعوبة تكمن في أن يبدأ أحدهما ويفتح باب المصالحة، وعندئذ يكون الباقي سهلاً وبسيطًا .
اهزم شرك لا أخاك
لهذا لم يقف بولس عند هذا الحد في نصحه، بل عندما يفرغ كلاهما من الغضب يقدم الوضع السليم قائلاً : "لا يغلبنك الشر" . وكأنه يقول "إن كنت تحمل غيظًا وتبحث عن الانتقام، فإنه حقًا يبدو كأنك تهزم عدوك . لكن في الحقيقة تكون أنت المغلوب بالشر أي بالغضب" .
فإن أردت الغلبة اصطلح ولا تهاجم خصمك . فإنها نصرة عظيمة أن تغلب الشر وتطرد الغضب والحنق، بصنع الخير أي الاحتمال .
إذًا هل أدركت حكمت المشرع ؟ ! ولكي تتعلم أنه جاء بهذه الوصية هكذا بسبب ضعف الذين لا يقتنعون أن يصطلحوا .. أسمع ما يقول السيد المسيح عندما شرع وصية في نفس الأمر دون أن يضع نفس الجزاء بل قال : "أحبوا أعدائكم .. احسنوا إلى مبغضيكم" ( مت 5: 22 ) أي قدموا لهم طعامًا وشرابًا .. "لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات" ( مت 5: 45 ) موضحًا لهم هذا الجزاء لأنه كان يحدث بطرس ويعقوب ويوحنا وبقية الرسل ..
مثال عملي
لقد اقتبس الرسول نفس كلمات سليمان ( أم 25: 21-22 ) ليقنع المستمع الذي بلغ درجة روحية عالية هكذا يراعى ما جاء في الناموس القديم كأمر نفذه أناس من رجال العهد القديم .
كثيرون نفذوا هذه الوصية من بينهم داود الذي نفذها في صورة سامية، إذ بالحقيقة لم يقدم لعدوه طعامًا وشرابًا فحسب، بل وأنقذه دفعات كثيرة من الموت . فعندما كان في جبعة وكان في إمكانه أن يقتل لم يفعل هذا مرة ومرتين .. نعم بل ومرات كثيرة .
وبقدر ما كان شاول يكرهه ويضايقه، كان هو يقدم له خيرًا وصلاحًا كثيرًا . فبعدما أنتصر داود إنتصارًا باهرًا أمام داود .. لم يطق شاول أن يذكر اسمه بل كان يدعوه باسم أبيه . فبعدما أعدت الوليمة ودبر قتله ونفذت الخطة قال شاول "لماذا لم يأتِ أبن يسى" ( 1صم 20: 27 ) ، إذ لم يطق أن ينطق أسمه الحقيقي .. كما أراد أن يحطم مركز هذا الرجل المرموق بذكر أصله .
يا له من فكر بائس ومحتقر، لأنه إن كان في الأب عيوب، فهذا لا يسئ إلى داود، لأن كل إنسان يسأل عن أعماله هو، وبها يمدح أو يذم .
لقد دعاه "ابن يسى" ( للتحقير ) ، أما داود فعندما وجد شاول نائمًا في الكهف لم يدعه "ابن قيس" بل كرمه قائلا : ً "حاشا لي من قبل الرب أن أمد يدي إلى مسيح الرب" ( 1 صم 26: 11 ) . هكذا كان داود في نقاوة متحررًا من الغضب أو الاستياء من الأضرار، تدعى هذا الذي أرتكب ضده شرورًا كثيرة، وكان متعطشًا لسفك دمه، ومحاولاً أن يهلكه "مسيح الرب" .
أنه لم يهتم ما يستحقه شاول بل فكر فيما يليق به هو أن يفعله حسبما تمليه عليه الحكمة .
أنه لم يتطلع إلى الظروف أنها تسهل عليه عملية قتل شاول بل كانت ملاحظته دقيقة من جهة الحكمة التي تكون له .
هل استطاعت نصيحة القائد له وحثه على ارتكاب الجريمة، وهل استطاع تذكره للماضي أن يعزيه على القتل ؟ !
لم يستطع شيء من هذا أن يثيره . لكن الفرصة المهيأة له للقتل بسهولة حولته عن إرتكاب الفعل، إذ فكر هكذا أن الله وضع شاول تحت يده ليختبر حكمته .
ربما تعجب من داود لأنه لم يفكر في أي شيء سابق، لكن الذي يدهشني أنا أنه لم يقسي يده على شاول خوفًا من الظروف المقبلة . لأنه يعلم تمامًا أنه إن فلت شاول من يديه فسيكون فيما بعد خصمًا له .. لكنه أستحسن أن يعرض نفسه للخطر مسامحًا من أساء إليه على أن يضمن لنفسه أمانًا مستخدمًا العنف مع عدوه .
يا لعظمة هذا الرجل ! ويا لسمو روحه ! هذا الذي كان الناموس يطالبه "عين بعين وسن بسن" ( تث 19: 22 ) فإنه لم يبلغ إلى هذه الدرجة فحسب بل نال درجة عالية من الحكمة .
ولم تقف حكمته في عدم قتل شاول الخصم العنيف، بل ولم ينطق بكلمة غير لائقة ضده، مع أنه لو تكلم ما كان شاول يسمعه . أما نحن فكثيرًا ما نتكلم بالشر حتى ضد أصدقائنا عندما يكونون غائبين .
يا لحنان روحه ! إنه بحق قد تبرر كما جاء في القول : "أذكر يا رب داود وكل دعته ( وداعته ) " ( مز 132: 1 ) .
لنقتد به فلا ننطق بكلمة ضد عدونا ولا نصنع به شرًا بل نقدم له الخير قدر المستطاع، فإننا بهذا نصنع خيرًا مع أنفسنا أكثر مما نصنعه معهم . فقد أمرنا أن نغفر لأعدائنا فتغفر خطايانا ( مت 6: 14 ) .
ليتنا نشتاق بشغف أن نتصالح مع من يضايقوننا، سواء أكانوا يفعلون هذا بعدل أو بظلم . فإننا إن اصطلحنا هنا نخلص من الدينونة في العالم الآتي .. ولكن إذا جاء الموت في الفترة التي فيها البغضة قائمة، وحمل معه العداوة فسينظر في القضية في الدهر الآتي .
كما أن كثيرين عندما يكونون في نزاع مع غيرهم، يتلاقون مع بعضهم البعض بروح الصداقة خارج المحكمة فيخلصون أنفسهم من الخسارة والخطر والمتاعب التي تلحق الطرفين، أما إذا تُرك الأمر أمام القاضي فسيلحق كلاهما خسارة مادية، كما قد يلحقهما عقوبة، وتبقى العداوة بينهما دائمة .
هكذا نحن أيضًا إذا بقينا في العداوة فسنرحل إلى المحكمة المهيبة في العالم الآتي وندفع حتمًا العقوبة حسب أمر الديان . ويخضع للعقوبة المحتملة كل من الذي غضب ظلمًا لأنه فعل هذا، والذي غضب بعد لأنه أبقى الحنق .
لهذا يلزمنا إذا عوملنا معاملة رديئة ظلمًا أن نغفر لمن يخطئ في حقنا .
لاحظوا كيف يحث المتألمين ظلمًا ويشجعهم للمصالحة مع من أساءوا إليهم "فإن قدمت قربانك على المذبح وهناك تذكرت إن لأخيك شيئًا عليك فأترك قربانك قدام المذبح وأذهب أولاً إصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك" ( مت 5: 23-24 )
إنه لم يقل : "اجتمع معه وقدم قربانك" بل اصطلح وقدم قربانك .
انظر أيضًا كيف يدفعكم مرة أخرى للذهاب إلى مضايقتكم، بقوله "فإنه إن غفرتم للناس زلاته يغفر لكم أيضًا أبوكم السماوي" ( مت 5: 14 ) ، مقدمًا مكافأة عظيمة ليست بهينة .
تأملوا هذه الأمور جميعها، واحسبوا قدر المكافأة العظيمة، وتذكروا أن غسل الخطايا يتوقف على غفراننا للمسيئين إلينا ..
ليت إله السلام والمحبة، الذي ينزع عن أرواحنا كل حنق ومرارة وغضب، يتنازل ويهبنا - بارتباطنا مع بعضنا البعض في وحدة تامة كما ترتبط الأعضاء مع بعضها البعض ( أف 4: 16 ) - أن نقدم له باتفاقٍ واحدٍ وفم واحدٍ وروح واحدٍ تسبيح شكرنا الواجبة له .

- لا هذا أخطأ ولا أبواه لم يكن العمى بسبب خطية والديه ولا بسبب خطاياه هو "لكن لتظهر أعمال الله فيه"، فإننا نحن جميعًا حين وُلدنا كنا مرتبطين بالخطية الأصلية، ومع ذلك لم نُولد عميانًا . على أي الأحوال ابحث بحرص فإننا وُلدنا عميان . فمن لم يولد أعمى ؟ أقصد عمى القلب . ولكن الرب يسوع الذي خلق الاثنين يشفي الاثنين .
لماذا دعا بولس هذه الحياة "ليلاً" ؟ ( رو ١٣ : ١٢ ) وهنا دعاها السيد "نهارًا"" ؟ إنه لا يتحدث بما يعارض المسيح، إنما يقول نفس الشيء، وإن كان ليس في الكلمات لكن في المعنى . إنه يقول : "قد تناهى الليل وتقارب النهار" . دعا الوقت الحاضر ليلاً، لأنه يقرنه بالنهار المقبل . دعا المسيح المستقبل "ليلاً" لأنه لا يوجد مكان لأعمال التوبة والإيمان والطاعة في العالم المقبل إن أُهملت خطية ما هنا . أما بولس فيدعو الحياة الحاضرة ليلاً لأن من يستمر في شره وعدم إيمانه فهو في ظلمة . فإذ يوجه الحديث إلى المؤمنين قال : "قد تناهى الليل وتقارب النهار"، إذ يلزمهم أن يتمتعوا بذاك النور؛ إنه يدعو الحياة القديمة ليلاً . "فلنخلع أعمال الظلمة، ونلبس أسلحة النور" .
أريد أن أذكركم أيها الأخوة بما قلته لكم مرات عديدة : وقت تناولنا من الأسرار المقدسة التي للمسيح, اذا رأيتكم في أنحلال عظيم و عدم مخافة تستوجب النوح فأبكي علي نفسي و أقول في فكري :
تري هل هؤلاء عارفون لمن هم قائمون ؟ و ما هي قوة هذا السر ؟ و عند ذلك أغضب بغير أرادتي, حتي لو أستطعت الخروج لخرجت من بينكم من ضيقة نفسي . و اذا وبخت أحداً منكم فلا يكترث لقولي, بل يتذمر علي كأني ظلمته .
يا لهذا العجب العظيم : ان الذين يظلمونكم و يسلبون أمتعتكم لم تغضبوا عليهم كغضبكم علي الأن, أنا الذي أغار علي خلاصكم, الخائف بوجل من أن يحل بكم عقاب الله بسبب تهاونكم بهذا السر العظيم . أتري تعلمون من هو هذا الذي تريدون أن تتناولوا منه ؟ أنه الجسد المقدس الذي لله الكلمة, و دمه الذي بذله عن خلاصنا . هذا الذي اذا تناول منه أحد بغير أستحقاق, تكون له عقوبة و هلاك كما صار ليهوذا الذي أسلم الرب, عندما تناول منه بغير أستحقاق .
فلنختم عظة أبينا القديس يوحنا ذهبي الفم الذي أنار عقولنا و عيون قلوبنا بأسم الأب و الأبن و الروح القدس الأله الواحد أمين


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shababmargerges.yoo7.com
 
أقوال القديس يوحنا ذهبى الفم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي شباب مارجرجس بكودية النصاري :: قسم القديسين :: أقوال الآباء-
انتقل الى:  
أبريل 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
اليوميةاليومية